الأربعاء، 6 أبريل 2011



وساعات تكون الضحكة غير اى ضحكة
تصوير : فادى فتحى

الثلاثاء، 5 أبريل 2011

جارى الذى لا اعرفه

خرج ذلك اليوم فى السابعة كعادته الى المدرسة ,كان دوماً هادئاً , ألتقيه عادةً فى المصعد فنتبادل التحية ونخرج فيمضى كل الى طريقه , هذا مقدار معرفت

ى به , لكنّ تل

ك النظرات الى يتبادلها ركاب المصعد قد تعرف منها بعض من ملامح الشخصية , او ما يدور فى الرأس

كان اصغر منى سناً لكنى كنت احس نظراته معبرة عن فهم وإدراك للحياة , حزن دفين احياناً يظهر فى هدوءه وبطئ حركته , وان كانت البسمة لا تفارق وجهه

مضى فى طريقه الى المدرسة فى مشيته المعتادة بهدوء , وصدمتنى انا نفحة باردة من رياح الصباح التى لم تدفئها الشمس فبردت جبهتى , فاغلقت النافذة , وعدت اقرأ كتاباً لم استلطفه فغلبنى النوم

ايقظنى صراخ

قوى هز ارجاء الغرفة حتى ظنتت انه خرج منها لكنه لم يكن كذلك , جهزت النار لاعداد كوب قهوة ونظرت الى السا

عة فاذا بى قد غفوت ثلاث ساعات والكتاب فى يدى , ثم سرت الى النافذة مرة اخرى لاتحقق من مصدر الصراخ, فاذا بى اجده يخرج من عمارتنا وبعض المارة والجيران متجمعين حول باب العمارة , حاولت ان استنتج ما يحدث ولكن لم افلح , انقطع الصراخ قليلاً وانصرف كثير من المارة وبقى 2 من الجيران , واذا بالقهوة قد فارت فهرعت الى المطبخ لانقذ ما يمكن انقاذه

وعدت مرة اخرى الى النافذة فاذ بسيارة تدخل الشارع وتقف امام المنزل , فيخرج احدهم من جانب السائق يفتح الباب الخلفى ويحاول اخراج شئ لم اتحققه ملفوفاً فى ملاءة ثم تأكدت من ان شخصاً ملفوفاً فى هذة الملاءة , فله هيئة انسان وتحققت من حذاء بنى

حاول الرجل رفع الشخص المغطى ولاحظت تراخى تام فى هذا الجسد , ثم تحركت الملئاه قليلاً فكشفت عن وجهه ينظر الى الاعلى , انه هو جارى الى لا اعرفه , جار المصعد , حمله والده على كتفه بصعوبة ودخل به الى داخل المنزل فى ذهول انتاب جميع المحيطين به

لا لا, ليس

هوا فقبل ان اغفو رأيته من النافذة يخرج الى مدرسته , اقتنعت انى على خطأ , وارتديت ملابسى ونزلت الى كليتى وعند خروجى من المنزل كان قد تجمع عدد كبير من الاولاد والبنات يرتدون نفس زيه

وسمعت احد يقول : يالا نمشى دلوقتى لان لسه هيغسلوه ونبقى نيجى تانى ساعة العزا

انه هو

مضيت فى طريقى الى الكلية وفى الطريق كنت اشعر بانقباضة فى صدرى لم اعهدها من قبل , فى العادة ارى الموتى فى صناديق خشبية والاهالى يصرخون ولا اتعاطف , ويخربونى ان هذا الفقيد شاب , فاحزن قليلاً لكنى انسى فى دقائق

هذة المرة كان الوضع مختلف , فاصطبغت البشر من حولى جميعهم بالحزن فرأيت فى ذلك اليوم 4 اشخاص يبكون فى طريقى للكلية , ورأيت امرأة ترتدى السواد وتحاول اخ

فاء ح

زنها , ورأيت الحياة مملة وحزينة

وقت العزاء ليلاً , ارتديت ملابس لا تحوى الكثير من الالوان فى ال

غالب اسود وصففت شعرى ونزلت لاعزى اهله , وربما كان اكثر ما اثر فيا هذا اليوم هو امه , فما اصعب ان ترى الام جثه ابنها , حضرت كثيراً من مراسم العزاء وسمعت كثيراً م

ن الصراخ على الازواج او الاباء والامهات

لكن اصعب صراخ هو ذلك الذى سمعته من امه , لا اعلم كيفية ذلك لكن كل صرخة خرجت من حلقها كانت تصيبنى باكتئاب ومقت شديد لهذة الحياة , فينقبض قلبى , واهم الى البكاء

مع كل صرخة تم

نيت ان تكون الاخيرة , فقد احسست صراخها عذاب لى , ومع ذلك لم استطيع تخيل مقدار المها

وجمت كما وجم جميع الحضور على الصوت الهادى لذلك الكاهن , وحاولت ان افكر فلم اعرف , لم اعرف لم انا حزين , فانا حتى لا اعرفه , فكرت كثيراً فى نفسى وحياتى وغداً والمستقبل , متى سوف اموت , ولماذا يموت هو وهو صغير السن ؟ وكيف ساموت ؟

وبلا اجوبة , فقط اسئلة افكر فيها لساعات بلا جواب وتزداد حيرتى

وتنبهت الى صوت فتاه فى سنه فسمعتها تقول لامه واخته : امبارح قالى تعالى بكره المدرسة عشان عايز اقولك على حاجة , وانا مروحتش المدرسة انهاردة , وانفجرت فى بكاء مؤلم حتى ابكت معظم من بالقاعة

اما امه فظلت تحدث الحضور قائلةً : ابنى مات , وتخاطب جيرانها : مش هتسمعونى بنادى عليه تانى

اضطررت وقتها للانصراف مجبراً

عدت الى المنزل , جلست مطولاً فى هدوء بملابسى شارد الذهن , ولا اعرف فيم كنت افكر ولكنى سألت عن الطعام , اكلت وكتبت هذة السطور التى صنعت ابداعاً من صوره جثمانه الذى لن انساه , ومن مأساة امه , ثم نمت وفى اليوم التالى ذهبت الى الكلية وتندرت مع اصدقائى حول صعوبة الدراسة فى العام الاخير من الكلية , وطلبت امى لاعرف ما العذاء اليوم لاقرر اذا كنت سأكل فى المنزل ام لا

فادى فتحى

16-3-2011